يعتقد مـن يستمع لقصائدك بأنك مـن الداخـــل،

يعتقد مـن يستمع لقصائدك بأنك مـن الداخـــل، أي تعيش في فلسطين, بينما الحقيقة أنك من مواليد اللجــــوء ,,, فماذا تقـــول ؟؟



هذا صحيح الكل يظن ذلك، وقد يعود ذلك إلى رائحة الوطن في قصائدي، بهوائه وترابه وباروده ودم الشهداء، بصور القصف والحصار تقابلها آيات الصمود والاستبسال, بواقعٍ فلسطيني يعيشني حتى لو قررت أن لا أعيشه، إنه الوطن الذي أحمله في داخلي منذ تكويني، الوطن الذي يسافر في حقائبي منذ هُجّر أهلي فتسلل الوطن الحلم إلى صرّة أمي وعكاز أبي ثم تسلل إلى دمي ,, وأنفي ,, وأهدابي ,, والذي سأحمله رغماً عني إلى أبنائي, أنه الوطن الذي يعيش فيني حتى لو لم اعش فيه, ومهما تعددت المنافي ,, فسترونه وتحسونه وتشمونه دائما في قصائدي ,, بكل واقعه وأحداثه ,, شجنه ومعاناته. ثم إن اللهجة البدوية التي أمارس من خلالها أبسط مظاهر وطنيتي هي لجهة باتت نادرة التداول رغم أنها من أصيل الأرض ومع ذلك قلّ من حافظ عليها حتى من داخل فلسطين. وعليه فربما كل هذه العوامل مجتمعة أعطت الإيحاء بأني في الداخل ويا ليتني أكون. ولكن أحب أن أضيف بأن المعاناة فلسطينية ,, في الداخل والخارج ,, في الشمال وفي الجنوب ,, وأينما كنت غريباً ولاجئاً ومتهما بالإرهاب.





صوتك بحــد ذاته مـؤثر وإلقاؤك مزلزل، نحـسّ حقاً بأنك لا تلقي شـعراً بل تقاتل، وأحــياناً نحـسّ بانهيارك، حــتى بتنا نخــشى عليك، فهل تعـي الحالة التي تلقي بها الشعر, وكيف تقتحم القلوب؟



إن قصائدي هي الرصاصة التي أطلقها حين أحجمت كل البنادق ,, فهل يمكن للرصاصة ألا تحرق فوّهة البندقية؟ حين ألقي قصائدي ,, فكل كلمة هي رصاصة ,, هي قنبلة ,, فكيف تحترق بارودا ونيرانا ودخانا دون أن تأخذ من كياني وقوداّ لتنطلق وتستقر في قلب كل مستمع متعطشٍ لشظية من كياني ,, من خليطٍ من وطن وحلم وثورة ؟؟

ما أعلمه انه حين تكون الكلمة صادقة ويؤمن بها من يقولها ,, تكون قوية حارقة تشق طريقها دون استئذان لقلب المتلقي ، ولهذا فإن أكثر من يهتم بقصائدي وبتابعها هم الفدائية وهم الفئة التي تمنيت دائما أن أكون منتميا إليها ,, فإن لم أتصبب عرقا واحترق وأنا ألقي قصيدتي أحس بأني خذلتهم وأني لا أستحق أن أكون حتى فدائي الكلمة، ومن ناحية أخرى فإن جهة من المتلقين يطالبونني بهدوء الإلقاء لتأخذ الكلمة مجراها هينّا متمهلا لكنني ببساطة شديدة ,, لا أستطيع !!





يتهمك البعض بانتمائك لحركة حماس؟



بدايةً الانتماء لحماس أو أي حركة تعتمد الدين الإسلامي والجهاد شرف لم أحظ به, وليست تهمةً أدرؤها عن نفسي وكل الأمر أني أستمد الرؤية من ذات المعنى وهو القرآن الكريم, والقرآن موجود قبل حماس وهو دستور كل مسلم, أو يفترض به أن يكون.





نلاحـظ اهتمامك بالمرأة الفلسطينية وإبرازها في قصائدك,, فهل تؤمــن بدورها أم هو من باب مواكبة العصـر وحقــوق المرأة ؟



إن حق المرأة الأجمل أنها قد خلقت امرأة ,, هذا ردا على تعبير "حقوق المرأة" ,, أما المرأة الفلسطينية فإذا كان الشعراء قد ترنموا بالخنساء على مر العصور، فإن في فلسطين خنساوات ما لهن عدد، فمهما قلت وقال غيري سنبقى مقصرين بحقهن، فمنهن تولد الثورة، ومن أياديهن يأكل الثوار، ومن عيونهن يستمدون الصمود, كما أن المرأة الفلسطينية أمست شريكة شرسة في الصراع الدائر، انظروا للعمليات الاستشهادية البطولية التي تقوم بها بناتنا والتي يعجز عنها أعتى الرجال في عالمنا العربي.

فمني عظيم الإكبار لكل أم وصبية وعذرا لتقصير غير متعمد بارك الله فيكن.



تصب جلّ غضبك وسخطك على الشعوب العربية وحكامها فمتى تخوض معركتك الحقيقة ضد العدو الحقيقي؟



إن شعوبنا العربية بانهزاميتها وتفرقها وابتعادها عن الدين الحنيف هي عدو نفسها الحقيقي، إن العدو الحقيقي هو تخاذلنا والضعف الذي في أوصالنا، والفرقة التي تعصف بنا، فلو أعدنا رص الصفوف وتوحدت أهدافنا وعدنا لدستورنا لانتهت القضية، إن عدونا أضعف بكثير من إرادتنا إن كانت صادقة، ثم إن جيوشنا بأسرها لم تخض معركة حقيقة ضد هذا الكيان ، والذي أجزم أنه زائل لا محالة بسيوفنا أو بغيرها، فحين تكون سيوفنا أطول من هاماتنا وجيوشنا للاستعراضات العسكرية فإن الله غني عنا يستبدلنا بقوم ينصرونه ويرسون رايته. ولا أخفيك أنه ينتابني إحساس بأن الحكومات العربية لا تريد حلاً لقضيتنا ، وهذا ما تقوله بعض قصائدي ، وأتمنى أن أكون مخطئاً في ظني رغم إن الواقع يؤكده.

فمتى نتعافى؟



في قصائدك تستخدم ألفاظاً وتعـابيراً قاسية,, منها ما قد تكــون أول مــن يوظفها شـعرياً، ألا تخشى على نفسك وعلى قصائدك أن تبقى مغـيّبة نتيجة لذلك ؟



أجيب على السؤال بشقيه ,, فأما القسوة، فإن من العلاج ,, الكي، فيا ليت كلماتي تصير سياطا توقظ النائمين، وشواظاً تشعل الحرائق ,, ورحماّ لثورة تضع في آخر المخاض نصراّ، إن الجراحات عميقة تدمي ,, والسكين لا ترتوي ,, فكيف لا أغضب ,, وأصرخ وأقسو ؟



ويذكرني قول الراحل نزار قباني:





يا من يعاتب مذبوحـا على دمه ونزف شـريانه ,, ما أسهـل الـعتبا



من جرب الكي لا ينسى مواجعه ,, ومن رأى السم لا يشقى كمن شربا



حبل الفجـيعة ملتف على عنقي ,, فمن ذا يعاتـب مذبوحا إذا ما اضطربا



الشـعر ليس حمـامات نطـيرها نحو الـسماء ,, ولا نايـاً وريح صـبا



الشعـر غضب طالت أظافـره ,, ما أجبـن الشعـر إن لم يركب الغضـبا





أما عن الألفاظ التي أوظفها شعريا ,, فإن هذه الكلمات نتلفظ بها في حياتنا اليومية، والتي هي الينبوع الذي نستمد منه كلماتنا في الشعر العامي، وهي قريبة جداً للمستمع ومحببة إليه لأنه يحس بنوع من الألفة معها، كما إن قصائدي لا تخدش الحياء، ويستطيع الصغير قبل الكبير والبنت قبل الولد الاستماع إليها، بل إن بعض الجهات الرسمية طلبت مني هذه المادة لتقديمها للأولاد في بعض مدارس اللجوء، أما إذا كانت ستضرني على الصعيد الشخصي فانا أؤمن بالحكمة القائلة:

إن خفت لا تقل وإن قلت لا تخف

وأنا قلت وسأقول وليتني أفعل.