قصة غرق التاتنك الجزء الثاني
صفحة 1 من اصل 1
قصة غرق التاتنك الجزء الثاني
المفاجأة .....
أما عند قاع السفينة فكان هذا التصادم يعني شيئا اخطر بكثير مما اعتقده ركاب السفينة .
فبعد توقف السفينة عقب حدوث التصادم ، اكتشف الفنيين حدوث كسر بجانب السفينة تسللت منه المياه وغمرت خمس أقسام من الستة عشر قسما بأسفل السفينة ، كما توقفت الغلايات عن العمل تماما ، وامتلأت أيضا حجرة البريد بالمياه التي طفت فوقها عشرات الخطابات ، مما يشير إلى كارثة وان غرق السفينة تيتانك أمر محتم
إخلاء السفينة
لم يحاول كابتن سميث تفسير ما حدث ، لكنه تصرف بطريقة عمليه فأعطى أوامره في الحال بإيقاظ جميع الركاب لإخلاء السفينة وإعداد قوارب النجاة ، كما أمر بإرسال نداء الإغاثة (sos) .
ولكن كانت هناك مشكلة أخرى واجهت سميث ، فعدد ركاب السفينة هو 2227 راكبا ، بينما عدد قوارب النجاة الموجودة بالسفينة لا تكفي حمولتها جميعا إلا لنقل 1100 راكبا وكانت هذه الحقيقة غائبة تماما عن ركاب السفينة ، الذين خرجوا من حجراتهم إلى ظهر السفينة في هدوء تام وعدم اكتراث ، بل أن بعضهم خرج يغني ويمزح ،وكأنهم يسخرون من هذا الموقف ، فهم لا يزالون يعتقدون انهم على ظهر السفينة العملاقة التي لا يمكن أن تغرق .
بدا ركاب السفينة والذين ظهر بعضهم بثياب النوم يرتدون سترات النجاة ، ثم اخذوا يصعدون قوارب النجاة تحت تعليمات كابتن سميث ، الذي أمر بإخلاء السفينة من النساء والأطفال أولا ، على أن يذهب الرجال بعد ذلك إلى قوارب النجاة إذا توفر لهم أماكن بها .
وفي الحقيقة أن بعض الركاب لم يكن يريد الدخول إلى قوارب النجاة ، فكانت السفينة العملاقة لا تزال مطمئنة بالنسبة لهم عن قوارب النجاة الصغيرة ، حتى أن بعض البحارة قد اخذ يزج بعضا منهم إلى القوارب ، فقد كانوا مدركين تماما للكارثة التي تنتظرهم ، كما اضطر البحارة أمام رفض بعض الركاب إلى إنزال بعض قوارب النجاة إلى المياه وهي غير ممتلئة عن آخرها ، فلم يكن هناك أي وقت للتأخير والمماطلة .وكان ركاب الدرجة الثالثة من الفقراء هم آخر من وصل إلى قوارب النجاة حيث يقيمون بالحجرات السفلى من السفينة ، بل أن بعضهم ظل منتظرا بأسفل السفينة لا يدري ماذا يفعل ، على رغم علمهم بوجود محنة على ظهر سفينتهم
بريق الأمل
في نفس الوقت بدأ عامل اللاسلكي بالسفينة يرسل نداءات متكررة للإغاثة ، وان كانت بعض السفن قد التقطت هذه النداءات إلا أنها كانت لا تزال بعيدة جدا عن السفينة تيتانك ، فكانت كل هذه النداءات دون أي جدوى ، ولكن ظهر للسفينة تيتانك أمل جديد، فعلى بعد عشرة أميال فقط كانت هناك سفينة أخرى هي السفينة كاليفورنيان ، والتي كان من الممكن أن تصل إلى السفينة المنكوبة في دقائق وتقوم بإنقاذ ركابها من الكارثة التي تهددهم، ولكن لسوء الحظ لم يصل للسفينة كاليفورنيان أي نداء للإغاثة من النداءات المتكررة التي ظلت ترسل بها السفينة تيتانك ، ففي هذا الوقت المتأخر من الليل قام عامل اللاسلكي بالسفينة كاليفورنيان بإغلاق جهاز الاتصال .
وبعد عدة محاولات يائسة قام ظباط السفينة تيتانك بمحاولة أخرى لشد انتباه السفينة كاليفورنيان إلى سفينتهم المنكوبة ، فقاموا بإطلاق عدة صواريخ نارية في السماء وانطلقت معها الهتافات والنداءات المتكررة ولكن على الرغم من ذلك لم تتخذ السفينة كاليفورنيان أي موقف تجاه هذه الإشارات الضوئية ، فلم يتبادر إلى ذهن طاقمها أن السفينة تيتانك في خطر وأنها ترسل هذه الإشارات طلبا للنجدة !، وبالتالي سارت السفينة كاليفورنيان في طريقها غير عابئة بهذه الإشارات ، وأخذت تبعد تدريجيا عن السفينة تيتانك ، وبعد معها آخر أمل في إنقاذ السفينة تيتانك
رحلة قوارب النجاة وسط المياه الجليدية :
أما داخل هذه القوارب ، فكانت الدهشة تملا النفوس الجميع، الذين راحوا يتأملون في ذهول سفينتهم العملاقة، التى لا تقهر، وهى تغوص في المياه بهيكلها الضخم وأنوارها الزاهي وسط نغمات الموسيقى المنعبثة منها والتى راحت تدوي نغماتها عبر المياه !!
ولكن سرعان ما تبدلت نغمات الموسيقى بنغمات أخرى حزينة ، وإلى أن توقفت تماما، بعد أن غاص طرف السفينة بأكمله تحت الماء،وصعد الطرف الآخر إلى السماء حتى كاد يلامس النجوم بارتفاعه الشاهق الذي انبعثت منة أنوار السفينة الزاهية لتضيء الليل من حوله ،ودوى في الفضاء صوت الزئير المروع والسفينة تشق طريقها إلى القاع0 ولم تمض إلا لحظات حتى اختفت السفينة تماما تحت سطح المياه، لتختفي معها أسطورة المارد الذي لايقهر0
ففي الساعة الثانية والثلث بعد منتصف ليلة الأحد الموافق الخامس عشر من أبريل، كانت السفينة تايتانيك قد اختفت تماما عن سطح المياه هي ومن عليها من مئات الركاب0
وبدأت قوارب النجاة تشق طريقها عبر المحيط في اتجاهات مختلفة ودون هدف منشود،وسط ظلام الليل والبرد القارص ،ولم يكن هناك ما يؤنسها في هذا الليل المخيف إلا بعض النجوم التي تناثرت في السماء هنا وهناك والتي لم تضئ بنورها إلا القليل من هذا الظلام الحالك0
واشتد البرد بركاب القوارب ،فحاولوا عبثا أن يدفئوا أنفسهم بما استطاعوا أن ينجوا به من السفينة من فراء و(ارواب )خاصة وان البعض منهم قد هرع إلى قارب النجاة بملابس النوم ،فلم يسعفه الوقت لالتقاط أي شئ0 وكان اتعس هؤلاء ،في هذا البرد القارص ،هم من قفزوا من السفينة إلى المياه الجليدية وسبحوا في الماء حتى وصلوا إلى القوارب ،فكانوا يرتجفون بشدة ،وامتلأ شعرهم وملابسهم بقطع الجليد التي علقت بهم أثناء السباحة0
ولم يحالف التوفيق أحد قوارب النجاة الممتلئة بالركاب ،فانقلب بهم في المياه،وكم كانت من فترة مؤلمة أمضاها ركاب هذا القارب،والذي بلغ عددهم الثلاثين ،في الاحتفاظ بقاربهم من الغرق وسط تلك المياه الجليدية ،فحاولوا جاهدين الوقوف على جانبي القارب حتى يحتفظوا به عائما على سطح المياه الجليدية ،التي أخذت تندفع إلى أرجلهم ،فتتخلل برودتها الشديدة إلى عظامهم فتؤلمهم اشد الالم0
ولم يستطع بعضهم الاحتفاظ بتوازنه فسقط في المياه الجليدية ،فكان على ركاب هذا القارب السيئ الحظ مهمة أخرى شاقه وهي محاولة جذب زملاؤهم من تلك المياه الجليدية المؤلمة0
ولم ينس ركاب أحد قوارب النجاة هؤلاء الأشخاص الذين وثبوا إلى المياه أثناء غرق السفينة ،فعادوا مرة أخرى إلى مكان السفينة يحاولون التقاط ما يمكن التقاطه من هؤلاء الأشخاص من وسط المياه 0 ولكن كانت برودة هذه المياه الجليدية كافية تماما للقضاء عليهم في فترة قصيرة من الوقت فلم يوفق هذا القارب الشهم في العثور إلا على شخص واحد كان عائما على باب خشبي من أبواب السفينة ،وكم كانت لحظة غامرة بالسعادة ،حين رأى هذا الإنسان التعيس قارب النجاة يتجه اليه0
السفينة كارباثيا :
قضى ركاب القوارب ،الناجون من الهلاك ،ساعات طويلة عبر مياه المحيط ،وسط الليل الحالك والبرد القارص ،سابحين بقواربهم إلى المجهول ،وكلهم يأس وحيرة في هذه الوحدة القاسية عبر هذا البحر الواسع الممتد،فمرت بهم الساعات كأنها سنوات طويلة ،فلم يكن هناك أي أمل في النجاة 0
وعندما بدا الليل يزول ،وبدأت السماء تنير ،كانت المفاجاة0
فظهرت فجأة أنوار مضيئة تقترب من بعيد ناحية القوارب،لقد كانت أنوار السفينة كارباثيا، التي كانت تسير في رحلة من رحلاتها عبر المحيط ،وكانت على بعد حوالي 58 ميلا من القوارب 0
ويالها من سعادة غامرة أحس بها ركاب القوارب حين لمحوا تلك السفينة من بعيد ،فراحوا يشدون انتباهها لهم بشتى الطرق ،فاخذوا يصفقون ويهللون ويلوحون ،كما استطاع بعضهم أن يشد انتباهها بالأنوار المضيئة ،فاستخدموا ( البطاريات ) ،وقاموا بإشعال النيران بمناديل اليد والأوراق وغيرها0
ونجحت المحاولات العديدة التي قام بها ركاب القوارب لشد انتباه السفينة كارباثيا، التي غيرت من طريقها وسارت في اتجاه القوارب 0
ومع بداية ظهور الشمس وقدوم يوم جديد كانت السفينة كارباثيا قد وصلت إلى القوارب لتبدأ في اغاثتها
كان مجيء سفينة الإغاثة لركاب هذه القوارب الضالة هو منتهى أملهم ، فتعلقت بها أنظارهم جميعا في فرحه وسعادة غامرة 0 وبدأت السفينة تقوم بنقل الركاب إلى سطحها ،قاربا بعد الآخر ،حتى تم إغاثة جميع الركاب ،وهيأت لهم العناية الإلهية فرصة للنجاة بعدما كانوا فيه من يأس وفزع0
الفضيحة الكبرى :
انتشر خبر السفينة تايتانيك بسرعة في جميع أنحاء العالم ، وكما اهتمت معظم الصحف العالمية بنشر خبر بداية رحلة السفينة في 12 أبريل سنة 1912 على انه من الأخبار الصحفية إلهامه والمثيرة ، فقد زاد اهتمامها ، بعد خبرهذة الكارثة ، بنشر كل ما يتعلق بهذه السفينة من أخبار وبالخط العريض في صفحاتها الأولى ،فنشرت بعض الصحف هذه العبارات :
(السفينة التي لا تغرق ، ترقد في قاع المحيط )
( إنقاذ 705 راكبا من ركاب السفينة الأسطورة البالغ عددهم 2227 راكبا ،بعد غرق السفينة أثناء رحلتها من إنجلترا إلى الولايات المتحدة )!
( سفينة الأثرياء تغوص بهم في قاع المحيط )
لكن لم تستطع الصحف في هذا الوقت أن تبرر بوضوح ظروف الحادث وكيفية غرق السفينة ، حتى بدا يتجمع لديها قدر كاف من المعلومات التي استطاعت الحصول عليها من الركاب الناجين من هذا الحادث ، بما فيهم بعض أفراد طاقم السفينة 0
( المظاهرات تجتاح شوارع لندن)
كذلك شهدت لندن ضجة كبرى بعد هذا الحادث المروع 0 ففي 27 أبريل سنة1912 م قام ما يزيد عن 1500 من المواطنين بمظاهرة ضخمة في أحد ميادين العاصمة احتجاجا على حادث السفينة الأسطورية والذي راح ضحيته اكثر من 1500 راكبا ، فنددوا بجميع المسئولين عن هذه الكارثة ، وطالبوا بإجراءات أمن حاسمة لضمان سلامة المسافرين بالسفن بعد ذلك
أما عند قاع السفينة فكان هذا التصادم يعني شيئا اخطر بكثير مما اعتقده ركاب السفينة .
فبعد توقف السفينة عقب حدوث التصادم ، اكتشف الفنيين حدوث كسر بجانب السفينة تسللت منه المياه وغمرت خمس أقسام من الستة عشر قسما بأسفل السفينة ، كما توقفت الغلايات عن العمل تماما ، وامتلأت أيضا حجرة البريد بالمياه التي طفت فوقها عشرات الخطابات ، مما يشير إلى كارثة وان غرق السفينة تيتانك أمر محتم
إخلاء السفينة
لم يحاول كابتن سميث تفسير ما حدث ، لكنه تصرف بطريقة عمليه فأعطى أوامره في الحال بإيقاظ جميع الركاب لإخلاء السفينة وإعداد قوارب النجاة ، كما أمر بإرسال نداء الإغاثة (sos) .
ولكن كانت هناك مشكلة أخرى واجهت سميث ، فعدد ركاب السفينة هو 2227 راكبا ، بينما عدد قوارب النجاة الموجودة بالسفينة لا تكفي حمولتها جميعا إلا لنقل 1100 راكبا وكانت هذه الحقيقة غائبة تماما عن ركاب السفينة ، الذين خرجوا من حجراتهم إلى ظهر السفينة في هدوء تام وعدم اكتراث ، بل أن بعضهم خرج يغني ويمزح ،وكأنهم يسخرون من هذا الموقف ، فهم لا يزالون يعتقدون انهم على ظهر السفينة العملاقة التي لا يمكن أن تغرق .
بدا ركاب السفينة والذين ظهر بعضهم بثياب النوم يرتدون سترات النجاة ، ثم اخذوا يصعدون قوارب النجاة تحت تعليمات كابتن سميث ، الذي أمر بإخلاء السفينة من النساء والأطفال أولا ، على أن يذهب الرجال بعد ذلك إلى قوارب النجاة إذا توفر لهم أماكن بها .
وفي الحقيقة أن بعض الركاب لم يكن يريد الدخول إلى قوارب النجاة ، فكانت السفينة العملاقة لا تزال مطمئنة بالنسبة لهم عن قوارب النجاة الصغيرة ، حتى أن بعض البحارة قد اخذ يزج بعضا منهم إلى القوارب ، فقد كانوا مدركين تماما للكارثة التي تنتظرهم ، كما اضطر البحارة أمام رفض بعض الركاب إلى إنزال بعض قوارب النجاة إلى المياه وهي غير ممتلئة عن آخرها ، فلم يكن هناك أي وقت للتأخير والمماطلة .وكان ركاب الدرجة الثالثة من الفقراء هم آخر من وصل إلى قوارب النجاة حيث يقيمون بالحجرات السفلى من السفينة ، بل أن بعضهم ظل منتظرا بأسفل السفينة لا يدري ماذا يفعل ، على رغم علمهم بوجود محنة على ظهر سفينتهم
بريق الأمل
في نفس الوقت بدأ عامل اللاسلكي بالسفينة يرسل نداءات متكررة للإغاثة ، وان كانت بعض السفن قد التقطت هذه النداءات إلا أنها كانت لا تزال بعيدة جدا عن السفينة تيتانك ، فكانت كل هذه النداءات دون أي جدوى ، ولكن ظهر للسفينة تيتانك أمل جديد، فعلى بعد عشرة أميال فقط كانت هناك سفينة أخرى هي السفينة كاليفورنيان ، والتي كان من الممكن أن تصل إلى السفينة المنكوبة في دقائق وتقوم بإنقاذ ركابها من الكارثة التي تهددهم، ولكن لسوء الحظ لم يصل للسفينة كاليفورنيان أي نداء للإغاثة من النداءات المتكررة التي ظلت ترسل بها السفينة تيتانك ، ففي هذا الوقت المتأخر من الليل قام عامل اللاسلكي بالسفينة كاليفورنيان بإغلاق جهاز الاتصال .
وبعد عدة محاولات يائسة قام ظباط السفينة تيتانك بمحاولة أخرى لشد انتباه السفينة كاليفورنيان إلى سفينتهم المنكوبة ، فقاموا بإطلاق عدة صواريخ نارية في السماء وانطلقت معها الهتافات والنداءات المتكررة ولكن على الرغم من ذلك لم تتخذ السفينة كاليفورنيان أي موقف تجاه هذه الإشارات الضوئية ، فلم يتبادر إلى ذهن طاقمها أن السفينة تيتانك في خطر وأنها ترسل هذه الإشارات طلبا للنجدة !، وبالتالي سارت السفينة كاليفورنيان في طريقها غير عابئة بهذه الإشارات ، وأخذت تبعد تدريجيا عن السفينة تيتانك ، وبعد معها آخر أمل في إنقاذ السفينة تيتانك
رحلة قوارب النجاة وسط المياه الجليدية :
أما داخل هذه القوارب ، فكانت الدهشة تملا النفوس الجميع، الذين راحوا يتأملون في ذهول سفينتهم العملاقة، التى لا تقهر، وهى تغوص في المياه بهيكلها الضخم وأنوارها الزاهي وسط نغمات الموسيقى المنعبثة منها والتى راحت تدوي نغماتها عبر المياه !!
ولكن سرعان ما تبدلت نغمات الموسيقى بنغمات أخرى حزينة ، وإلى أن توقفت تماما، بعد أن غاص طرف السفينة بأكمله تحت الماء،وصعد الطرف الآخر إلى السماء حتى كاد يلامس النجوم بارتفاعه الشاهق الذي انبعثت منة أنوار السفينة الزاهية لتضيء الليل من حوله ،ودوى في الفضاء صوت الزئير المروع والسفينة تشق طريقها إلى القاع0 ولم تمض إلا لحظات حتى اختفت السفينة تماما تحت سطح المياه، لتختفي معها أسطورة المارد الذي لايقهر0
ففي الساعة الثانية والثلث بعد منتصف ليلة الأحد الموافق الخامس عشر من أبريل، كانت السفينة تايتانيك قد اختفت تماما عن سطح المياه هي ومن عليها من مئات الركاب0
وبدأت قوارب النجاة تشق طريقها عبر المحيط في اتجاهات مختلفة ودون هدف منشود،وسط ظلام الليل والبرد القارص ،ولم يكن هناك ما يؤنسها في هذا الليل المخيف إلا بعض النجوم التي تناثرت في السماء هنا وهناك والتي لم تضئ بنورها إلا القليل من هذا الظلام الحالك0
واشتد البرد بركاب القوارب ،فحاولوا عبثا أن يدفئوا أنفسهم بما استطاعوا أن ينجوا به من السفينة من فراء و(ارواب )خاصة وان البعض منهم قد هرع إلى قارب النجاة بملابس النوم ،فلم يسعفه الوقت لالتقاط أي شئ0 وكان اتعس هؤلاء ،في هذا البرد القارص ،هم من قفزوا من السفينة إلى المياه الجليدية وسبحوا في الماء حتى وصلوا إلى القوارب ،فكانوا يرتجفون بشدة ،وامتلأ شعرهم وملابسهم بقطع الجليد التي علقت بهم أثناء السباحة0
ولم يحالف التوفيق أحد قوارب النجاة الممتلئة بالركاب ،فانقلب بهم في المياه،وكم كانت من فترة مؤلمة أمضاها ركاب هذا القارب،والذي بلغ عددهم الثلاثين ،في الاحتفاظ بقاربهم من الغرق وسط تلك المياه الجليدية ،فحاولوا جاهدين الوقوف على جانبي القارب حتى يحتفظوا به عائما على سطح المياه الجليدية ،التي أخذت تندفع إلى أرجلهم ،فتتخلل برودتها الشديدة إلى عظامهم فتؤلمهم اشد الالم0
ولم يستطع بعضهم الاحتفاظ بتوازنه فسقط في المياه الجليدية ،فكان على ركاب هذا القارب السيئ الحظ مهمة أخرى شاقه وهي محاولة جذب زملاؤهم من تلك المياه الجليدية المؤلمة0
ولم ينس ركاب أحد قوارب النجاة هؤلاء الأشخاص الذين وثبوا إلى المياه أثناء غرق السفينة ،فعادوا مرة أخرى إلى مكان السفينة يحاولون التقاط ما يمكن التقاطه من هؤلاء الأشخاص من وسط المياه 0 ولكن كانت برودة هذه المياه الجليدية كافية تماما للقضاء عليهم في فترة قصيرة من الوقت فلم يوفق هذا القارب الشهم في العثور إلا على شخص واحد كان عائما على باب خشبي من أبواب السفينة ،وكم كانت لحظة غامرة بالسعادة ،حين رأى هذا الإنسان التعيس قارب النجاة يتجه اليه0
السفينة كارباثيا :
قضى ركاب القوارب ،الناجون من الهلاك ،ساعات طويلة عبر مياه المحيط ،وسط الليل الحالك والبرد القارص ،سابحين بقواربهم إلى المجهول ،وكلهم يأس وحيرة في هذه الوحدة القاسية عبر هذا البحر الواسع الممتد،فمرت بهم الساعات كأنها سنوات طويلة ،فلم يكن هناك أي أمل في النجاة 0
وعندما بدا الليل يزول ،وبدأت السماء تنير ،كانت المفاجاة0
فظهرت فجأة أنوار مضيئة تقترب من بعيد ناحية القوارب،لقد كانت أنوار السفينة كارباثيا، التي كانت تسير في رحلة من رحلاتها عبر المحيط ،وكانت على بعد حوالي 58 ميلا من القوارب 0
ويالها من سعادة غامرة أحس بها ركاب القوارب حين لمحوا تلك السفينة من بعيد ،فراحوا يشدون انتباهها لهم بشتى الطرق ،فاخذوا يصفقون ويهللون ويلوحون ،كما استطاع بعضهم أن يشد انتباهها بالأنوار المضيئة ،فاستخدموا ( البطاريات ) ،وقاموا بإشعال النيران بمناديل اليد والأوراق وغيرها0
ونجحت المحاولات العديدة التي قام بها ركاب القوارب لشد انتباه السفينة كارباثيا، التي غيرت من طريقها وسارت في اتجاه القوارب 0
ومع بداية ظهور الشمس وقدوم يوم جديد كانت السفينة كارباثيا قد وصلت إلى القوارب لتبدأ في اغاثتها
كان مجيء سفينة الإغاثة لركاب هذه القوارب الضالة هو منتهى أملهم ، فتعلقت بها أنظارهم جميعا في فرحه وسعادة غامرة 0 وبدأت السفينة تقوم بنقل الركاب إلى سطحها ،قاربا بعد الآخر ،حتى تم إغاثة جميع الركاب ،وهيأت لهم العناية الإلهية فرصة للنجاة بعدما كانوا فيه من يأس وفزع0
الفضيحة الكبرى :
انتشر خبر السفينة تايتانيك بسرعة في جميع أنحاء العالم ، وكما اهتمت معظم الصحف العالمية بنشر خبر بداية رحلة السفينة في 12 أبريل سنة 1912 على انه من الأخبار الصحفية إلهامه والمثيرة ، فقد زاد اهتمامها ، بعد خبرهذة الكارثة ، بنشر كل ما يتعلق بهذه السفينة من أخبار وبالخط العريض في صفحاتها الأولى ،فنشرت بعض الصحف هذه العبارات :
(السفينة التي لا تغرق ، ترقد في قاع المحيط )
( إنقاذ 705 راكبا من ركاب السفينة الأسطورة البالغ عددهم 2227 راكبا ،بعد غرق السفينة أثناء رحلتها من إنجلترا إلى الولايات المتحدة )!
( سفينة الأثرياء تغوص بهم في قاع المحيط )
لكن لم تستطع الصحف في هذا الوقت أن تبرر بوضوح ظروف الحادث وكيفية غرق السفينة ، حتى بدا يتجمع لديها قدر كاف من المعلومات التي استطاعت الحصول عليها من الركاب الناجين من هذا الحادث ، بما فيهم بعض أفراد طاقم السفينة 0
( المظاهرات تجتاح شوارع لندن)
كذلك شهدت لندن ضجة كبرى بعد هذا الحادث المروع 0 ففي 27 أبريل سنة1912 م قام ما يزيد عن 1500 من المواطنين بمظاهرة ضخمة في أحد ميادين العاصمة احتجاجا على حادث السفينة الأسطورية والذي راح ضحيته اكثر من 1500 راكبا ، فنددوا بجميع المسئولين عن هذه الكارثة ، وطالبوا بإجراءات أمن حاسمة لضمان سلامة المسافرين بالسفن بعد ذلك
Admin- مدير عام
- عدد الرسائل : 149
العمر : 25
الموقع : الاردن
تاريخ التسجيل : 20/05/2008
بهاء
العلمي والفكاهي: ممتاز
صفحة 1 من اصل 1
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى